أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، ٢٤ نيسان ٢٠٠٧


الموسيقار السومري سامي نسيم



من الرفاعي الى النمسا وأوبرا القاهرة
حياة وأشياء أخرى.... بقلم الناقد الموسيقي/حبيب ظاهر العباس

في قرية أبو ذهب. أحدى القرى التابعة لمدينة الرفاعي في الناصرية. كانت الولادة المتواضعة في عام ستة وستون
وتسعمائة والف في احضان الريف العراقي الحزين .أب فلاح وستة أولاد وأبنة واحدة أكبرهم سامي يسكنون البيت
الطيني وتجود عليهم الأبقار الأربعة. والشويهات بالحليب والزبد. والأرض من خضرتها تعطي غير مانة .والراديو
يمتع الآذان بالأغان الريفية. وتبقى العيون تسأل عن المغنين دون جواب. الى أن دب الجدب للأرض وأختتطفت
الجندية الأب من بيته الصغيرحيث ناداه الراتب وليس الواجب. فأنتقلت العائلة الفلاحية البسيطة الى المدينة اللعوب
وأنفقد الأب في الحرب الثمانينة دون جدوى لمعرفة مصيره. الى يوم يبعثون. وصيغت الحكايات المرة عنه .ودخل
سامي قسم الموسيقي بعهد أبيه في معهد الفنون الجميلة في البصرة بعد أن منت عليه مدينتة الرفاعي بتعلم العزف
على آلة العود .أبدى الأب وعمومته أمتعاضهم من السابقة الخطيرة لسمعة العائلة الريفية. ولكن التطيمنات التي
حصلوا عليها من المعلمين والمثقفين الأقارب. جعلتهم يقبلون الأمر على مضض.وأستمر الأب يدعم أبنه البكر ودخل
السرور الى قلبه. حين علم أن من يتخرج من المعهد يتعين بوظيفة معلم. كون المعهد تربوي. ولكن الدراسة فيه فنية
ومهنة المعلم هي أقصى أحلام العائلة. وكان لها ذلك في واقع الأمرحيث أستمر تدريسيا لآخر المشوار .تخرج سامي
من المعهد بتفوق وأكمل الخدمة العسكرية الطويلة. حيث طالته أذرع الحروب الشيطانية المستعرة في الثمانينات.ولكن
عاد للموسيقى حيث دعاه الموسيقار سالم عبد الكريم عميد معهد الدراسات الموسيقية عام تسعمائة وتسعون والف
ليقدمه الى الموسيقار الراحل منير بشير ويعين مدرسا لآلة العود.ولأثبات محافظته على قابليته التي تعرف عليها
الموسيقار عبدالكريم في لقاء سابق قبل أن تلتهمه الجندية.قدم سامي حفلا مهما في بداية التسعينيات أظهر أمكانياته
الفنية ورصيده الموسيقي حيث قدمته الروائية الكبيرة لطفية الدليمي في منتدى المرأة الثقافي أنذاك ودعت له مهتمين
ومثقفين .تخرج طلبة متميزين على يده بالرغم من الضروف الصعبة التي يمر بها حيث ضروف الحصار الأقتصادي
التي يمر بها العراق كان يسكن فندق رديء في منطقة الباب الشرقي. وبأحوال مزرية وكان قد تزوج ولديه أولاد هما
أوس ومصطفى وأنمار وعائلته الصغيره أخذت تضيق ذرعا للوضع الصعب عامة وأخذت
تفتقده كونه يغيب عنها طويلا في العاصمة حيث بدأت العائلتين البسيطتين..
تعانيان من التقلبات المعاشية القاسية .وبدأت كتاباته الموسيقية تظهر للوجود في الحفلات .ورشحته وزارة الثقافة
بأيفاد الى مصر للمشاركة بقيادة فرقة بابل للتراث الموسيقي في مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية السادس المنعقد
في القاهرة وبضيافة دار الأوبرا المصرية عام سبعة وتسعون وتسعمائة والف وبدعم من الفنان كاظم الساهرالذي
ألتقى الوفد هناك وأبدى رغبته بالتعاون وللضروف المركبة التي يمر بها الفنان العراقي.قدمت الفرقة مقطوعتين
مهمتين للموسيقار سامي نسيم. محتفظة بهما المكتبة الموسيقية المصرية هما موسيقى (قناديل بابلية) وهي عبارة عن
سماعي نهاوند وموسيقى (شناشيل) من مقام الرست.حيث قدمت في المسرح الكبير بدار الأوبرا وكذلك المحافظات
المصرية (المنوفية) و(بني سويف ) وأعد نسيم منهاجا حافلا من عيون التراث العراقي لريف العراق ومدينته وشماله
ولقد أدى غناء أغنية وطور (الحياوي) في الحفلات الرئيسية.وكان برفقة الوفد الفني الملحن الكبير طالب القره غولي
والأستاذ حسين قدوري والأستاذ باسم حنا بطرس ود.علي عبدالله والعازفين رافد حنا (ناي ) وسهاد نجم (قانون)
وصفاء كاظم (رق)وباسم محمود (جوزة)وهلابسام (سنطور) وآمال أحمد(عود)...بعدها أوفد نسيم الى بلاد المويسقى
الى النمسا في عام تسعة وتسعون والف حيث قاد خماسي فرقة بابل للتراث الموسيقي في قاعة الهوف بورك في
العاصمة النمساوية (فينا)...وفي بداية العام الفين أشترك في مسابقة العود الدولية التي اقامها المجمع العربي للموسيقى
في بيروت بجامعة الروح القدس بالكسليك.وأحرز الجائزة الأولى بالرغم من الضروف القاسية جدا بطريقة الوصول
والمشاركة في حينها كون العلاقات والمرورنحو بيروت فيه عناء كبيربتأخره في الحدود ومبيته في مرآب السيارات
ومشاكل جمه..بعد عودته من المسابقة... أوفد الى فنزويلا بناء على النجاح في النمسا. وقاد ذات الفرقة وبنجاح في
العاصمة الفنزويلية (كركاس).وحضر الحفل الرئيس الفنزويلي (هوغو شافيز) وصافح الموسيقار سامي نسيم في أكبر
الساحات الفنزويلية.عاد سامينا ليؤسس فرقة للعود أسماها في البداية فرقة( العود البغدادي) ولكن عدل عن هذا الأسم
ليطلق عليها أسم (فرقة منير بشير للعود) تكريما للعواد العراقي الراحل منير بشيرتقديرا لما له من دور هام في نشر
موسيقى العود في العالم.ومحاولة لكسر التهميش الذي حصل لهذا الفنان بعد وفاته ..والفرقة متكونه من أبرز الطلبة
المتميزين.... اللذين تتلمذوا على يد أستاذهم سامي
نسيم.ومنهم محمد علي أسماعيل وأحسان علي وعلي رزاق .وعلاء صبري وأحمد سليم ومحمدجاسم وجمال
ناصروسعدمحمود ورائدعبدالواحدومصطفى محمد واحمدحميد وآخرين. نجحت الفرقة وقدمت حفلات مهمه في تونس
ولبنان وسورية وعمان ومصر في دار الأوبرا المصرية ومسرح سيد درويش.حقق الموسيقار سامي نسيم الكثير من
العطاء في مجال الفن الجاد والملتزم. ولم يستعجل الأضواء والشهرة حيث بقي ملتزما بالفن الراقي دون التهريج.
والمتاجرة ببعض المهاترات السياسية التي تسلط الضوء على الفن الرديء فتزينه وكأنه فن قضايا مصيرية. وهو
فارغ من كل بريق حقيقي يدركه الفنانين والمتخصصين.كتب النقاد وأشادوا بالموسيقار سامي نسيم ومنهم الناقد الكبير
عبدالوهاب الشيخلي.ومنذرجميل حافظ وعادل الهاشمي وآخرين.حظيت مؤلفات سامي نسيم الموسيقية بأهتمام
الدارسين وقدموها في أطروحاتهم لما فيها من غنى فني وموسيقي يحقق لهم مرادهم..حيث تخرج المبدع عازف الناي
حسين ناصر بادائه المتقن لموسيقى (من وحي قيثارة سومر)وتخرج المبدع عازف القانون عبدالمنعم أحمد بذات العمل
والمبدع علاء صبري أيضا وآخرين.هذا مختصر مفيد عن حياة ومعاناة موسيقار عراقي كبير لانستطيع جمع كل مافيها
بل هناك من مد أنيابه وأرجله لعرقلة مسيرته بكل مايملك من وسائل. ولكن دون جدوى.و لكي نضع الشباب الموسيقي
أمام مسؤولية التواصل والجدية في التحصيل العلمي..سلطنا الضوء على سيرة وحياة مبدع وصانع جيل حقيقي.












ليست هناك تعليقات: