أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، ٢٤ نيسان ٢٠٠٧



انتحار فنان في الزمن المقيت


... الى روح ناجي خضوري مبدعا
سامي نسيم



من أي براكين. يجيش بها صدري المثقل بالأهات والألم.. أستطيع أن أكتب لأجلد الزمن العتي... وأركله بأقدامي..الزمن
الأغبر ..الزمن المقيت...زمن الحمقى. والجلادين والقتلة..زمن السفلة ..هل أستعير... قليلا من دمع. أمي حبرا لأدون
قصة.. أنتحار فنان تمرد على زمنه المجنون ..ومن أين لي لغة ثملة. أو عجائبية لتؤرخ أنتحار. عاشق اللون رسام مدينتي
المتشحة بالسواد أبدا..أبدا.......الرفاعي الطيبة..؟؟
الفنان معلمنا ناجـــــــــــــــــــــــي خضــــــــوري ؟؟
في صباي الغض رأيتك عاشقا دنفا للون والورد ..وكنت أتخيل أن الأطفال وحدهم يرسمون.. وأندهشدت كثيرا.. كيف لطفل
كبير مثلك يرسم ويصلي في محراب اللوحات ..لوحات مورقة خضلة..وتدعونا نحن الخرقى لعشق اللون. والطين. وسر
الجمال..والفن المقدس..وفي غفوة المدينة وبليل تسللت دون وداع.. لتسافر بعيدا نحو الشمال الى كركوك..كقديس نصراني
يؤسس أديرة. وكنائس للجمال وسحر اللون. ونستك دروب مدينتنا الكئيبة..ورأيتك مرة أخرى.. وهمست بأذني سرا..بأن
اصدق كوني فنان وأوصاني بالطفل الناضج في دواخلي حبا..وأردت أن اسأل.. عن معناي.. في زمن الخبل... والرمد.. ولكن
أنفرط عقد الزمن المقيت مرة أخرى..وأستطالت قامتي بعد ان رأيت ظلها الطويل في شمعة ومرآة قد أهداها لي..بكلماته
النبوية....
في معرضه ماقبل الأخير..نسمات مدينه..طوفانات همجية وحروب وجوع تعسكر في قعر روحه المتمردة..وفي شارع الرشيد
بالفندق الأقذر في العالم كنت أسكن.. وعند سريري البائس ..عود.. وحقيبة.. جلبها لي أبي من غنائم الحرب..ومائة كتاب..
سرقت بعضها من شارع المتنبي القريب... وبعضها وفرت ثمنها من وجباتي الغذائية..خبز وماء وبصل......وبدأ فك الحصار
المفترس ينهش بأجسادنا... وكنت قد رأيتك... مرة أخرى معلمي ..ناجي خضوري ؟؟ في معرضك الشخصي الآخر والأخير
قبيل أنتحارك المهيب..
ثورتك الكبرى. وصفعتك الرهيبة للزمن المقيت ..معرضك ..عربة ..وقنينة غاز.. وأقداح الشاي.. فوق سطع العربة..قبالة
فندق المساء... على رصيف الزمن الأغبر ..في شارع الجمهورية..جمهورية الرعب والبطش....قرب سوق الشورجة..كانت
لغة عيونك طلسم كبير لا أفقهه ..وصلاة عشقك في محراب خرب. مجدب في متاهات.. روحك الضالة..وأناملك التي تغسل
الأقداح تومأ لشيئ آخر..عدت مخذولا مكسور البنيان من كركوك الى بغداد دار الضنك.. والضيق لفنان مثلك.. والغانية
اللعوب لأهل المال والسلطان..
وهكذا ..هكذا ..ناجي خضوري.. تعد بالخفاء معرضك الأهم والأخير؟؟؟
مساء حزين..وعواصف ورعود تجوب روحك..ركلت أقداح الشاي بكلتا قدميك..ودفعت العربة المهينة. الخرقاء بكفيك الى
وسط الشارع ..ونثرت السكر. وأندلق الشاي على الرصيف المغبر كأيامنا..لترسم أعظم لوحاتك المتمردة على الزمن
البغيض..وبكل جرأة..جرأة الفنان العبقري..أخذت تدندن أغنية جنوبية حزينه.. متجها نحو جسر الشهداء لشقة عائلتك
المتعبة في الصالحية............
تعبر دجلة الذي ينساب بلا اكتراث لحالك وتغني :

غريبة الروح..
غريبة الروح..
تنز جروح
غريبة الروح..
لاطيفك يمر بيها....ولاديرة التلفيها؟؟
جفت وي ليل هجرانك..ترد وتروح...
عذبها الجفه وتاهت ..حمامة دوح...
محنة تفوح..
غريبة الروح...
وتخليت عن كل الألوان الأثيرة لديك. لتضع حدا قاسيا للوحة حياتك الأخيرة
السوداوية..كما يمسح فنان لوحة عصية في ــــ زجاجة الثنر ــــ لوحة خطأ في زمن خطأ..أردت وحاولت.. رسمها . رسمها...
ولكن في زمن... القتلة والسفلة.. لايستطيع العيش فنان.... وأقمت معرض رحيلك الأبدي.. بأقداح السم الذي يمزق
أحشائك....بعد أن عجزت ألوان قد عشقتها... وأديرة قد تعبدت في محرابها..عن ثنيك... بأن لاتعزف سمفونية... الدم...
والرحيل المفجعه..لتؤرخ أنتحار فنان رفض بقوة العيش في زمن القتلة المقيت؟؟ .

ليست هناك تعليقات: